في ظل اقتصاد أمريكي يواجه تحديات التضخم والرسوم الجمركية، أصبحت البيتزا، الوجبة الشعبية التي طالما ارتبطت بالاقتصاد والسرعة، مرآة تعكس الفجوة المتزايدة بين شرائح المجتمع. لم تعد البيتزا المجمدة خيارًا ميسورًا لمنخفضي الدخل، بينما يستمر الأثرياء في الإقبال على المطاعم الراقية، رغم ارتفاع تكاليف المكونات المستوردة.
وتاريخيًا، كانت البيتزا ملاذًا للعائلات الباحثة عن وجبة رخيصة ومشبعة. خلال جائحة كورونا، شهدت سلاسل مثل “دومينوز” و”بابا جونز” نموًا ملحوظًا في المبيعات عام 2020، مدفوعًا بالإغلاقات وزيادة الطلب على التوصيل. “بيتزا هت” بدورها سجلت انتعاشًا في 2021 مع بداية التضخم، بفضل عروض مثل “تيست ميكر” بسعر 10 دولارات. لكن بحلول الربع الأول من 2025، تراجعت مبيعات هذه السلاسل بنسب متفاوتة، حيث انخفضت مبيعات “بيتزا هت” بنسبة 5%، و”بابا جونز” بنسبة 2.7%، و”دومينوز” بنسبة 0.5%.
ويرجع هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع أسعار البيتزا. فقد بلغ متوسط سعر البيتزا الكبيرة 18.14 دولارًا، بزيادة 30% عن 2019، متجاوزة ارتفاع أسعار سلاسل البرغر والدجاج. كما ساهمت خدمات التوصيل مثل “أوبر إيتس”، والتوجه نحو خيارات صحية، في تقليص الطلب. لكن السبب الرئيسي يكمن في تآكل القوة الشرائية لمنخفضي الدخل، الذين يشكلون قاعدة عريضة من زبائن هذه السلاسل.
وعلى النقيض، تشهد مطاعم البيتزا الراقية، حيث تتراوح تكلفة الوجبة بين 31 و50 دولارًا للشخص، زيادة بنسبة 43% في الإقبال خلال 2025، وفقًا لتطبيق “أوبن تيبل”. هذه الفئة، التي تستفيد من ارتفاع أسعار العقارات ومكاسب أسواق الأسهم، تدعم ما يُعرف بـ”الاقتصاد على شكل حرف K”، حيث يزداد الإنفاق لدى الأثرياء بينما يتراجع لدى الفقراء.
وتسعى السلاسل لمواجهة هذه التحديات بعروض منخفضة التكلفة، مثل قائمة “بابا بيرينغز” من “بابا جونز” بسعر 6.99 دولار، وعروض “بيتزا هت” مثل “ديل لوفر”. لكن حتى البيتزا المجمدة لم تسلم، إذ وصفت “نستله” هذه الفئة بـ”الأدنى أداءً” بسبب ارتفاع الأسعار، رغم محاولاتها خفض تكاليف بعض العلامات مثل “ديغورنو”.
في المطاعم المستقلة، أصبحت شريحة البيتزا بدولار واحد نادرة، بينما ترتفع أسعار البيتزا الفاخرة بسبب الرسوم الجمركية على المكونات المستوردة مثل الدقيق الإيطالي وجبن الموتزاريلا، والتي قفزت تكلفتها بنسبة 20%، مما ينذر بزيادة أسعار قد تطال حتى الأثرياء.