تخوض مصر غمار الذهب الأسود مجددًا، معلنةً عن خطط لحفر 480 بئرًا استكشافيًا جديدًا للنفط الخام خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو رهان طموح بقيمة 5.7 مليار دولار يُمكّن البلاد من استعادة توازنها بعد سنوات من تراجع الإنتاج. ومن جانبها فقد أعلنت وزارة البترول المصرية عن الخطة هذا الأسبوع، كاشفةً عن وجود 101 بئر مُخطط لها بحلول عام 2026، موزعة على مناطق الإنتاج الرئيسية في مصر.
ولكن لم يُحدد الإعلان مصدر كل هذا التمويل – وهو أمرٌ ليس بالبسيط أبدًا – لكن البلاد تُحاول التقرب من شركات النفط الكبرى مجددًا، مُوقعةً أتفاقيات تنقيب جديدة مع شركتي بي بي (BP.L) وإيني (ENI.MI) لتمشيط البحر الأبيض المتوسط بحثًا عن اكتشاف جديد بحجم حقل ظهر.
ويُمثل هذا تحولًا كبيرًا لبلدٍ كان يُكافح منذ وقتٍ قريب للحفاظ على إمداداته من النفط الخام. حيث قد أجبرت انقطاعات الكهرباء المتكررة العام الماضي، وديون الطاقة البالغة 6 مليارات دولار، القاهرة على استيراد الغاز الطبيعي المُسال بشكل طارئ. ولكن في الأشهر الأخيرة، بدأت الأمور تتغير. فقد ارتفع الإنتاج قليلاً، مما خفّض فواتير الاستيراد، بل وسمح لمصر بسداد مليار دولار من المتأخرات المستحقة لشركائها الدوليين.
ومع ذلك، يبقى الخيار الأبعد واضحاً: مصر تريد العودة إلى خارطة الطاقة، وهذه المرة بقوة دافعة. مجمعها البتروكيماوي في العلمين الجديدة، والذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار، بدأ العمل بالفعل، ويهدف أحدث مزاد حكومي لمناطق الاستكشاف في الصحراء الغربية وخليج السويس إلى جذب لاعبين جدد – وطمأنة اللاعبين القدامى – بأن مصر منفتحة على الأعمال التجارية مجدداً. ويعتمد استمرار هذه النهضة المصرية على أكثر من مجرد التفاؤل ومساحة الحقول البحرية. أيام مجد حقل ظهر تتلاشى، والطلب المحلي مستمر في الارتفاع، وأزمة العملة لم تنتهِ بعد. ولكن إذا استطاعت مصر تحقيق ولو نصف طموحاتها في مجال الحفر، فقد تخرج من كونها متعثرة في قطاع النفط في شمال إفريقيا.