تواجه مصر مُجددًا أزمةً مُتجددةً في نقص الغاز الطبيعي، مُتصدرةً عناوين الصحف مع دخول البلاد ذروة موسم الصيف. ومع توقعات بأرتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية في الأشهر المُقبلة، يُشكّل الطلب على الكهرباء – الذي يُعزى بشكلٍ كبير إلى مُكيفات الهواء – ضغطًا شديدًا على الشبكة الوطنية. واستجابةً لذلك، تُسارع الحكومة المصرية إلى تطبيق إجراءات طارئة لتجنب أنقطاع التيار الكهربائي.
وعلى الرغم من طموح مصر في أن تُصبح مركزًا إقليميًا للطاقة وموردًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المُسال إلى أوروبا والأسواق العالمية، تُكافح البلاد لتلبية احتياجاتها المحلية من الطاقة. وتُبرز هذه المُفارقة التحديات التي تواجهها مصر في مُوازنة أهدافها التصديرية مع أمن الطاقة الداخلي. ولا تزال مصر تعاني من عجز في إنتاج الغاز الطبيعي، ولا سيما في حقل ظهر البحري العملاق، الذي يواجه صعوبات فنية. في غضون ذلك، لم يتحقق الإنتاج المتوقع من الحقول الأخرى بعد. وعليه وفي محاولة لتخفيف النقص المتكرر في الغاز الطبيعي، تُسرّع الحكومة المصرية جهودها لتأمين صفقات استيراد طويلة الأجل للغاز الطبيعي المسال.
وتشير التقارير الأخيرة من مصادر إقليمية إلى أن مصر في محادثات متقدمة مع قطر بشأن اتفاقية طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال القطري. وكان هذا موضوعًا محوريًا في اجتماع بين وزير البترول والثروة المعدنية المصري، كريم بدوي، ووزير الطاقة القطري، سعد بن شريدة الكعبي.
ووفقًا لصحيفة الأهرام، فإن القاهرة حريصة على إتمام الاتفاقية بسرعة. وفي إطار المحادثات الأوسع، تعرض مصر على قطر فرصًا استثمارية في قطاعي النفط والغاز، المنبع والمصب. وتشير مصادر إلى إمكانية توسيع امتيازات قطر للطاقة الحالية في مصر، بما في ذلك حقول بحرية في البحر الأبيض المتوسط مثل نفرتاري ومصري والقاهرة (بالشراكة مع إكسون موبيل). وفي إشارة أخرى إلى تعزيز العلاقات، وافقت قطر للطاقة على الاستحواذ على حصة في حقل شمال الضبعة البحري المصري، بالتعاون مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وشركة شيفرون الأمريكية العملاقة للطاقة.
إجراءات طارئة بشأن الغاز الطبيعي المسال وزيت الوقود
وبالتوازي مع ذلك، تُكثّف القاهرة جهودها لتأمين 14 شحنة من الغاز الطبيعي المسال هذا الشهر من موردين أوروبيين وأمريكيين بموجب شروط دفع مؤجلة. وقد ازدادت الحاجة إلى ذلك نظرًا لعدم تمكن شركة إيني الإيطالية من الوفاء بجدول تسليمها لكمية إضافية قدرها 250 مليون قدم مكعب يوميًا من حقل ظهر، والذي تأجل الآن من أبريل إلى أواخر أغسطس 2025.
وفي حين أن مصر لا تزال منتجًا رئيسيًا للنفط والغاز الطبيعى، إلا أن نقص الإمدادات المحلية أجبرها على السعي للحصول على تمويل يُقدر بـ 7 مليارات دولار لشراء 155-160 شحنة من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025. وتهدف القاهرة إلى تحديد أسعار الشراء عند 14 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية – وهو هدف طموح حتى مع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال العالمية.
ولمواجهة زيادة الطلب، عادت مصر إلى استخدام زيت الوقود الرخيص لتوليد الطاقة، وفي الساعات الأخيرة، طرحت الهيئة المصرية العامة للبترول مناقصةً لشراء مليوني طن من زيت الوقود لتوريدها في مايو ويونيو. ومع تزايد تكلفة الغاز الطبيعي وضغطه على المالية العامة، يُنظر إلى زيت الوقود كبديل أكثر جدوى على المدى القصير.