بعد بداية بطيئة لفصل الصيف، عاد المستثمرون إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب في أغسطس 2025، حيث تضاعفت وتيرة التدفقات الداخلة أكثر من الضعف مقارنةً بشهر يوليو، وذلك وفقًا للبيانات الشهرية الصادرة عن مجلس الذهب العالمي. وفي أحدث تحليلاتهم، أفاد محللون في مجلس الذهب العالمي أن صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب عالميًا شهدت تدفقات داخلة بلغت 53 طنًا، بقيمة 5.5 مليار دولار، بزيادة عن 22.3 طنًا في يوليو.
الرسم البيانى المباشر لسعر الذهب/ الدولار الامريكى
الطلب العالمى على شراء الذهب
وبالنظر إلى التوزيع الإقليمي، لا يزال الطلب في أمريكا الشمالية يهيمن على السوق العالمية. حيث أرتفعت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب المدرجة في أمريكا الشمالية بمقدار 37.1 طن، بقيمة 4.1 مليار دولار. وأفاد المحللون بإن الطلب في أمريكا الشمالية لا يزال قويًا مع تحوط المستثمرين من حالة عدم اليقين الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية المستمرة. ومع ذلك، فقد أشار مجلس الذهب العالمي (WGC) إلى أن الدافع الأكبر لأسعار الذهب الشهر الماضي كان تزايد التوقعات ببدء الاحتياطي الفيدرالي تخفيف أسعار الفائدة الامريكية مجددًا، وذلك مع ظهور بوادر تباطؤ في سوق العمل أسرع من المتوقع. وأضاف المحللون بالقول: “انعكست التدفقات الخارجة التي شوهدت في الأيام التي سبقت جاكسون هول بسرعة، حيث توقع المستثمرون خفض أسعار الفائدة في سبتمبر”.
وفي الوقت نفسه، أكد مجلس الذهب العالمي أن طلب المستثمرين يبدو أنه يتجاوز مجرد زخم مضاربة قصير الأجل.
وقال المحللون أيضا: “من الجدير بالملاحظة أيضًا أن صناديق الاستثمار المتداولة منخفضة التكلفة المدعومة بالذهب، والتي غالبًا ما تُعتبر مؤشرًا على التمركز الاستراتيجي طويل الأجل، تشهد أفضل عام لها على الإطلاق. ونعتبر هذا مؤشرًا على أن المستثمرين – بعيدًا عن ضجيج السوق قصير الأجل – يبنون بثبات مخصصات الملاذ الآمن استجابةً لخلفية من المخاطر المتزايدة”.
وفي الوقت نفسه، فقد أجتذبت الصناديق الأوروبية أيضًا تدفقات استثمارية. وأضافت صناديق الاستثمار المتداولة المدرجة في أوروبا 20.8 طنًا، بقيمة 1.9 مليار دولار. وأفاد مجلس الذهب العالمي (WGC) أيضا بأن الطلب كان قويًا، حيث سجلت كل من بريطانيا وسويسرا وألمانيا زيادات في حيازاتها. وربما تكون التدفقات الألمانية قد تلقت دعمًا أيضًا من ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة، حيث تم تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الربع الثاني بالخفض، مما أثار مخاوف من الركود. وفي الوقت نفسه، ومع أرتفاع قيمة اليورو والفرنك السويسري مقابل الدولار الامريكى، فقد أرتفعت أيضًا حيازات المنتجات المحمية من مخاطر العملات الأجنبية، وفقًا للمحللين.
وأضافوا أيضا: “شهدت بريطانيا أيضًا تدفقات قوية، مدفوعة على الأرجح بمخاوف الركود التضخمي. وقد أنتعش التضخم في البلاد، في حين أن التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة وزيادة الضرائب على أصحاب العمل – والتي قد تدفع الأسعار إلى الارتفاع أكثر – قد ألقت بظلالها على آفاق النمو”.
ضعف طلب أسيا على الذهب
وحسب التقرير كانت آسيا هي المفاجأة الأكبر في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة. فبعد نمو قياسي في النصف الأول من العام، فقد أفادت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب المدرجة في آسيا عن تدفقات خارجة في أغسطس. وأوضح مجلس الذهب العالمي أن الصين هي التي قادت ضغط البيع، حيث أدى تحسن معنويات سوق الأسهم إلى تحويل رؤوس الأموال بعيدًا عن الذهب.
وبالنظر إلى المستقبل، أشار محللو مجلس الذهب العالمي (WGC) إلى أن الطلب على الاستثمار يبدو مدعومًا بشكل جيد مع بدء تفاقم مخاوف الركود التضخمي في الأسواق المالية العالمية. ويُحرك الطلب حاليًا الطرف القصير من منحنى العائد، حيث يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي مُستعد لخفض أسعار الفائدة الامريكية في وقت لاحق من هذا الشهر. ومع ذلك، حذّر مجلس الذهب العالمي المستثمرين من ضرورة الانتباه أيضًا إلى الطرف الطويل من المنحنى.
وأضاف المحللون بالقول: “قد تزداد حساسية الذهب لأسعار الفائدة الحقيقية الأمريكية مع قيام المستثمرين الغربيين، وخاصة في الولايات المتحدة، بدور أكثر نشاطًا في ظل ضعف الطلب من الأسواق الناشئة”. و”في حين أن أسعار الفائدة طويلة الأجل لا تزال ثابتة، فإن هذا يعكس تنامي المخاوف من الركود التضخمي – وهي بيئة دعمت الذهب تاريخيًا. ومن بين شرائح المستثمرين الأمريكيين، أظهر حاملو صناديق الاستثمار المتداولة أقوى استجابة لمخاطر الركود التضخمي، وسارعوا إلى الاستثمار في الأسابيع الأخيرة، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن أيضًا في أوروبا، حيث لا تزال أسعار الفائدة الحقيقية ترتفع. وهذا يشير إلى أن الطلب المدفوع بالمخاطر يعوّض عن الرياح المعاكسة القائمة على أسعار الفائدة”.