شهدت أسواق السلع الأساسية تقلبات حادة هذا العام 2025 نتيجة للنزاعات التجارية والصراعات العالمية. وبينما ارتفعت أسعار المعادن الصناعية والثمينة كالذهب والنحاس، فقد أدى فائض المعروض من النفط إلى انخفاض الأسعار. وإذا كانت هناك سلعة واحدة تُحدث تغييرًا ملحوظًا مع بداية العام الجديد، فهي النفط الخام، والذي يُواجه خطر انخفاض الأسعار.
الرسم البيانى المباشر لسعر النفط الخام
السؤال الأهم الان هو: إلى أين تتجه أسواق النفط؟”
فائض كبير في مخزون النفط
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز العرض الطلب بفائض قدره 3.84 مليون برميل في عام 2026. ويمثل الفائض ما يقارب أربعة بالمئة من الطلب العالمي، ويعزى إلى زيادة الإنتاج من جانب أوبك+ والولايات المتحدة الامريكية ومنتجين آخرين. واستجابةً لذلك، أوقفت أوبك+ زيادات الإنتاج للربع الأول من عام 2026. والسؤال الأهم الآن هو: هل سنشهد مزيدًا من الانخفاض في الأسعار خلال العام 2026 في ظل فائض العرض، أم سنرى الصين تواصل مساعيها لزيادة مخزونها البترولي الاستراتيجي، مما يوفر طلبًا إضافيًا للسوق؟
وبشكل عام فالولايات المتحدة الامريكية تحاول إبقاء أسعار النفط منخفضة. وأن التحولات في السياسات تؤثر أيضًا على توقعات أسعار النفط الخام. وكما هو معلوم فأن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى جاهدةً لخفض أسعار النفط لمواجهة الآثار التضخمية لسياساتها الرئيسية الأخرى، ولا سيما الرسوم الجمركية وقيود الهجرة.
وعليه فإن محاولة إبقاء أسعار النفط منخفضة نسبيًا تصب في مصلحة إدارته. وفي كندا، تسعى الحكومة الفيدرالية جاهدةً لتنمية قطاع الطاقة. ومن المثير للاهتمام حقًا متابعة هذا التحول في كندا. وكانت قد طرحت الحكومة الفيدرالية قانون بناء كندا في الصيف الماضي، بهدف تسريع مشاريع ذات أهمية وطنية في مجالات الطاقة والدفاع والبنية التحتية. واكتمل مشروع توسعة خط أنابيب ترانس ماونتن، الذي بلغت تكلفته 34 مليار دولار، العام الماضي، مما ضاعف طاقة الخط ثلاث مرات.
توقعات الطلب على النحاس
وفى هذا الصدد أشار محللين أسواق السلع بأن النحاس، إلى جانب النفط، لا يزال من أهم السلع التي يجب مراقبتها حتى عام 2026. حيث تتزايد الحاجة إلى النحاس مع ازدياد احتياجات العالم من الطاقة نتيجة استخدام مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والتوسع في استخدام الكهرباء. وبالطبع، يتفاقم هذا الوضع بسبب مشاكل في جانب العرض أيضًا. وعليه يعتقد الخبراء بأن السيناريو المتفائل واردٌ جدًا حتى نهاية العقد. وأن الرسوم الجمركية أثرت أيضًا على أسواق النحاس.
وكان من المثير للاهتمام متابعة كيف استخدمت إدارة ترامب التهديد بفرض تعريفات جمركية لمحاولة زيادة مخزون النحاس لدينا. وحسب الخبراء فهناك أعتقاد بأنه قد نشهد المزيد من المحاولات للقيام بذلك العام 2026 .
مستقبل الاستثمار فى الغاز الطبيعي المسال
يُعدّ الغاز الطبيعي استثمارًا واعدًا للغاية، فهو مرتبط بشكل كبير بتطور الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في الولايات المتحدة، بل على مستوى العالم. وعليه فأن زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال تُعدّ أيضًا سوقًا واعدة للعام المقبل، حيث سيتم إطلاق المزيد من مشاريع الغاز الطبيعي المسال.
دور الصين فى الطلب على السلع الأساسية
تستمر الاستراتيجية الاقتصادية الصينية في لعب دور رئيسي في أسواق السلع الأساسية العالمية. وهذا العام، عادوا إلى نفس الاستراتيجية التي اعتمدوا عليها، وهي نموذج النمو القائم على الاستثمار. وكانت قد حققت الصين هيمنة عالمية في قطاعات الطاقة النظيفة الرئيسية، لا سيما السيارات الكهربائية، والألواح الشمسية، وتوربينات الرياح. كما تهيمن على سلاسل إمداد المعادن الحيوية التي تدعم هذه الصناعات، مثل معالجة العناصر الأرضية النادرة وبطاريات الليثيوم أيون. وحسب الخبراء فأنهم سيضاعفون جهودهم مرة أخرى في العام الجديد 2026 .