تُظهر عودة الولايات المتحدة والصين إلى طاولة المفاوضات في لندن، يونيو 2025، محاولة لتخفيف حدة التوتر التجاري، لكنها لا تمثل انفراجةً شاملة. الهدف هو احتواء الخلافات، لا حلها، في ظل هدنة هشة قد تنهار تحت ضغط الأولويات السياسية والاقتصادية. وجوهر الخلاف يتجاوز التجارة إلى الأعلى مستوى من الأمن القومي، حيث ينظر كل طرف إلى الآخر كتهديد استراتيجي. المصافحات الدبلوماسية في قصر لانكستر هاوس، رغم رمزيتها، لن تذيب الجليد. فواشنطن ترى أن بكين تسعى للهيمنة الاقتصادية، بينما تعتبر الصين نفسها مستهدفة بسياسات أمريكية مجحفة.
والمحادثات، التي امتدت 20 ساعة على مدار يومين، أثمرت عن اتفاق مبدئي لتهدئة التوترات، يستند إلى تفاهمات جنيف السابقة. وأشار وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إلى أن التنفيذ يتوقف على موافقة الرئيسين. كما أبدى مسؤولون أمريكيون تفاؤلاً بحل قضايا مثل صادرات المعادن النادرة، لكن التفاصيل لا تزال غامضة.
الخبراء، مثل ستيف أوكون من “إيه بي إيه سي أدفايزرز”، يرون أن الوضع متوازن: واشنطن تملك ورقة اقتصادية قوية، بينما تملك بكين صموداً سياسياً يمنحها أفضلية زمنية. هذا التوازن يجعل الحلول الجذرية بعيدة المنال، خاصة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني وتراجع صادراتها إلى أمريكا، وهو الأكبر منذ جائحة 2020.
وبكين تتمسك بروايتها بأن الحرب التجارية من صنع واشنطن، محذرة عبر وكالة “شينخوا” من أن تسييس الاقتصاد يهدد التعاون العالمي. في المقابل، يرى محللون مثل رايان هاس من “بروكينغز” أن التعايش السلمي ممكن، لكن بشرط تقديم تنازلات متبادلة. يجب أن تعترف أمريكا بمكانة الصين كقوة عظمى، بينما على بكين فهم الضغوط السياسية التي يواجهها ترمب داخلياً.
الصين تطالب بـ”حفظ ماء الوجه”، رافضة اتفاقات متحيزة كما حدث في الماضي. في الوقت ذاته، يحتاج ترمب إلى إظهار القوة أمام ناخبيه. هذا التوازن الدقيق يجعل المحادثات خطوة إيجابية، لكنها ليست “إعادة ضبط” للعلاقات. إنها إدارة أزمة، وربما يكفي ذلك مؤقتاً لتجنب تصعيد أخطر.