الجمعة , أكتوبر 10 2025

سياسات أوبك+ ومدى التأثير على أسعار النفط الخام

تواصل مجموعة أوبك+ استراتيجيتها الحذرة المتمثلة في إعادة كميات متواضعة من المعروض إلى السوق، وهي خطوة عززها القرار الصادر في 5 أكتوبر بتطبيق زيادة أخرى في الإنتاج قدرها 137 ألف برميل يوميًا لشهر نوفمبر. ويهدف هذا النهج المدروس إلى تجنب انخفاض أسعار النفط الخام، والتي تحوم حاليًا حول منتصف الستينيات دولارًا للبرميل، مع ضعف الطلب بعد الصيف وتحذير التوقعات من فائض وشيك في المعروض في عام 2026.

الرسم البيانى المباشر لسعر النفط الخام

والأهم من ذلك، أن الزيادات الفعلية في المعروض لا تزال أقل من الأرقام المعلنة، حيث يفتقر العديد من المنتجين إلى القدرة على زيادة الإنتاج بشكل أكبر، بينما يضطر آخرون إلى تعويض فائض الإنتاج السابق، مما يؤكد المخاوف المتزايدة بشأن انخفاض الطاقة الإنتاجية الاحتياطية للمجموعة.

رد الفعل من زيادات أنتاج الاوبك+

وفي حين أن زيادات الإنتاج الأقل من المخطط لها تدعم أسعار النفط، إلا أنها تقلل أيضًا من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لمنتجي أوبك+. ولا يمتلك الكثير منهم أي طاقة إنتاجية احتياطية ذات معنى. بأستثناء المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق، ويُرجَّح أن يكون أعضاء تحالف أوبك+ قد استنفدوا طاقتهم الإنتاجية بالكامل، مما يضع السوق في وضع حرج عند حدوث صدمة العرض التالية. وقد ينشأ هذا مع تفجر أزمة أخرى في الشرق الأوسط أو فرض عقوبات إضافية على روسيا أو إيران.

سياسات خفض المعروض النفطى

وفى هذا الصدد وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، دعمت تخفيضات أوبك+، التي حجبت في مرحلة ما إمدادات تعادل حوالي 5% من الاستهلاك العالمي، أسعار النفط الخام. ولكن الطاقة الإنتاجية الفائضة التي خلّفتها التخفيضات خففت أيضًا من مخاوف النقص خلال جميع تفجرات الصراع الإسرائيلي الإيراني منذ عام 2023، على سبيل المثال. ومع ذلك، مع استمرار أوبك+ في عكس مسار هذه التخفيضات، مستغلةً الآن آخر طبقة من التخفيضات البالغة 1.65 مليون برميل يوميًا، فإن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى المنتجين الذين لديهم هذه الطاقة آخذة في التقلص. وكذلك قدرة السوق على استيعاب صدمة العرض التالية.

وعموما وفي ظل الوضع الجيوسياسي المجزأ والمتقلب اليوم، قد تحدث هذه الصدمة في أي لحظة، كاشفةً عن محدودية قدرة تحالف أوبك+ على إدارة سوق نفط “مستقرة”، كما يُحب أن يُطلق عليها. ولن تتمكن الطاقة الاحتياطية غير الكافية من تعويض صدمة كبيرة في الإمدادات. كما حذّر المحللون من أن السوق تُبالغ في تقدير حجم الطاقة الاحتياطية المذكورة.

ومن جانبها فقد أفادت شركة ستاندرد تشارترد للأبحاث هذا الصيف أن ندوة دولية عُقدت مؤخرًا لأوبك أظهرت تباينًا بين آراء منتجي الطاقة ومحللي السوق بشأن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية. فعلى عكس محللي وول ستريت، والذين يتحدثون كثيرًا عن طاقة احتياطية تتراوح بين 5 و6 ملايين برميل يوميًا، أشار متحدثون من قطاعات مختلفة في الصناعة إلى أن الطاقة الاحتياطية محدودة ومُركزة جغرافيًا بشكل كبير. ويعتقد ستاندرد تشارترد أن هذا الافتراض الخاطئ بشأن الطاقة الإنتاجية الفائضة كان له تأثير كبير على أسعار النفط الخام، وأن تداعياته على منحنى أسعار النفط الآجل قد تكون عميقة للغاية بمجرد أن يدرك المتداولون أن ما يقرب من ثلثي الطاقة الإنتاجية التي ظنوا أنها متاحة عند الطلب غير موجودة فعليًا.

وتُعرّف وكالة الطاقة الدولية الطاقة الإنتاجية الفائضة بأنها “مستويات الطاقة الإنتاجية التي يمكن الوصول إليها في غضون 90 يومًا والحفاظ عليها لفترة طويلة”.

قد تكون الطاقة الإنتاجية الفائضة مبالغًا فيها

تُقدّر وكالة الطاقة الدولية، في أحدث تقرير شهري لها، أن إجمالي الطاقة الإنتاجية الفائضة لدول أوبك+ يبلغ 4.05 مليون برميل يوميًا، بما في ذلك 2.43 مليون برميل يوميًا في المملكة العربية السعودية، و850 ألف برميل يوميًا في الإمارات العربية المتحدة، و320 ألف برميل يوميًا في العراق. جميع منتجي أوبك+ الآخرين قد وصلوا إلى أقصى طاقتهم الإنتاجية. ولكن بعد عدة سنوات من انخفاض مستويات الإنتاج، ليس من المؤكد كم ستُنتج حتى المملكة العربية السعودية خلال ثلاثة أشهر في حال حدوث صدمة في العرض في السوق. وفي نوفمبر، ستبلغ حصة إنتاج المملكة العربية السعودية 10.06 مليون برميل يوميًا.

ومن جانبها تقول المملكة العربية السعودية بإن إجمالي طاقتها الإنتاجية المستدامة يبلغ 12 مليون برميل يوميًا. ومع ذلك، لم تضخ 12 مليون برميل يوميًا إلا مرة واحدة في تاريخها، لمدة شهر واحد في أوائل عام 2020 خلال حرب الأسعار مع روسيا، قبل أن يُضعف كوفيد الاستهلاك ويُجبر مجموعة أوبك+ على تخفيضات كبيرة في الإنتاج. ولم تضخ السعودية 11 مليون برميل يوميًا أو أكثر إلا لفترات قصيرة في عامي 2018 و2023.

وبناءً على السوابق، من المرجح أن تتراوح الطاقة الإنتاجية الاحتياطية الحالية للمملكة العربية السعودية بين 600 ألف برميل يوميًا ومليون برميل يوميًا فقط، وهي طاقة قابلة للزيادة بسرعة والحفاظ عليها لفترة من الوقت، وفقًا لتقديرات رون بوسو، كاتب عمود الطاقة في رويترز. وفي الوقت الحالي، بأستثناء المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لا يمتلك منتجو أوبك+ الآخرون طاقة إنتاجية فائضة، مما يحد من فرص نمو إنتاجهم في الأشهر المقبلة، على الرغم من أن المجموعة مددت فترة التراجع عن التخفيضات إلى أكتوبر ونوفمبر.

ويركز السوق حاليًا على فائض العرض الوشيك في وقت لاحق من هذا العام وفي أوائل عام 2026. لكنّ تناقص الطاقة الإنتاجية الفائضة، والذي يتركز بشكل رئيسي في منتجين رئيسيين في الشرق الأوسط، لن يكون قادرًا على تعويض أي صدمة كبيرة في العرض، مما يجعل أسعار النفط عرضة لارتفاعات مفاجئة محتملة عند حلول الأزمة التالية.

المحلل محمود عبد الله
مؤسس مجموعة فوركس أون لاين1 والتي كانت تضم العديد من المواقع المهتمه فى التداول فى أسواق العملات والنفط والذهب وأسواق المال وشملت موقع فوركس أون لاين1، الاقتصاد. نت، سيجنالس برو. هذا الى جانب طرح تحليلاته وأفكاره ومقالاته فى العديد من المواقع التداول المشهورة مثل ديلى فوركس. تريدرز أب . أنفستينج وغيرها. والى جانب ذلك أستعان الكثير من وسطاء التداول والمواقع الاخبارية بتحليلاته ومقالاته. يحمل محمود ليسانس القانون من جامعة الأزهر في مصر، وتعلم التداول من خلال العديد من الدورات التعليمية المباشرة وعبر الإنترنت. وهو متداول نشط منذ أكثر من 16 عامًا.