ميزانية المملكة العربية السعودية وسط تذبذب أسعار النفط

من المؤكد أن أنهيار أسعار النفط الخام الأخير سيؤثر سلبًا على المالية العامة للمملكة العربية السعودية مستقبلًا، إلا أن السعودية سجلت بالفعل عجزًا كبيرًا في الميزانية للربع الأول، قبل أن تنخفض أسعار النفط بشكل حاد. وخلال الربع الأول من العام، فقد أرتفع عجز ميزانية أكبر مُصدر للنفط الخام في العالم إلى 15.6 مليار دولار أمريكي (58.7 مليار ريال سعودي)، وفقًا لبيانات وزارة المالية السعودية.

ويُمثل هذا العجز أكثر من نصف العجز الذي توقعته المملكة للعام بأكمله في بيان ميزانية السنة المالية 2025 – وهو عجز قدره 27 مليار دولار أمريكي (101 مليار ريال سعودي)، وهو ما يُمثل حوالي 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الربع الأول للعام 2025، فقد أنخفضت عائدات النفط السعودية بنسبة 18% عن العام السابق لتصل إلى 40 مليار دولار أمريكي (150 مليار ريال سعودي). ارتفعت الإيرادات غير النفطية بنسبة 2% فقط، تاركةً فجوةً أكبر من المخطط لها في إجمالي الإيرادات.

وكانت قد أظهرت بيانات وزارة المالية السعودية بأن العجز في الربع الأول قد سُدِّد بالكامل عن طريق الاقتراض، مما يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تُفضِّل الاستمرار في اللجوء إلى أسواق الدين على استخدام احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي السعودى.

وحسب الارقام الرسمية فقد أرتفع عجز الموازنة السعودية بشكل حاد في الربع الأول، مما وضع ضغوطًا على النفقات والاستثمارات المخطط لها للمملكة العربية السعودية هذا العام، وحتى قبل أنهيار الأسعار، الذي شهد انخفاضًا بأكثر من 10 دولارات للبرميل. وسيُثقل انخفاض أسعار النفط الخام – بسبب المخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية على الطلب على النفط وزيادة إنتاج أوبك+ بقيادة السعودية – كاهل المالية العامة للدولة الرائدة في أوبك+.

ومع ذلك، يبدو أن المملكة العربية السعودية مستعدة للاستمرار في انخفاض أسعار النفط لفترة من الوقت لمعاقبة منتجي أوبك+ المُفرطين في الإنتاج وتأديب منتجي النفط الصخري الأمريكيين. وحسب منصات شركات النفط ومع وصول سعر برميل النفط إلى 60 دولارًا، قد تضطر المملكة العربية السعودية إلى تسريع الاقتراض وتأجيل الاستثمارات المخطط لها في مبادراتها الضخمة مثل مدينة نيوم المستقبلية، وفقًا للمحللين.

وفي وقت مبكر من الشهر الماضي، صرّح فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في جولدمان ساكس، لبلومبرغ بأنه إذا بلغ متوسط سعر خام برنت حوالي 62 دولارًا للبرميل هذا العام (وهو الآن السعر الأساسي لمعظم بنوك الاستثمار)، فقد يرتفع عجز المملكة العربية السعودية إلى 67 مليار دولار للعام المالي 2025 بأكمله، أي أكثر من ضعف عجز خطة ميزانية المملكة البالغ 27 مليار دولار.