قد تتسبب ميزانية المملكة المتحدة الأسبوع المقبل في صدمة مالية لمئات الآلاف من الأسر العادية، حيث يبدو أن المستشارة راشيل ريفز تستعد لزيادة ضريبة مكاسب رأس المال. وفى هذا الصدد فقد حذر الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر المنظمات المالية في العالم من أن هذه الزيادة الضريبية لا تهدد ثروة الأفراد فحسب، بل تهدد أيضًا صحة اقتصاد البلاد. ويسلط نايجل جرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة دي فير، الضوء على التأثير الواسع النطاق لمثل هذه الخطوة، موضحًا: “ضريبة مكاسب رأس المال مستحقة على الأرباح المحققة من بيع الأصول مثل محافظ الاستثمار والعقارات والشركات. وتقليديًا، كان يُنظر إليها على أنها ضريبة على الأثرياء، لكن الواقع هو أن العديد من العمال العاديين سيُجرون إلى دفع ضرائب أعلى”.
ويواصل جرين التأكيد على أن تأثيرات زيادة ضريبة مكاسب رأس المال المقترحة لن يشعر بها سوى النخبة الغنية. حيث يقول: “نظرًا لأن الحكومة البريطانية تهدف إلى جمع ما يصل إلى 35 مليار جنيه إسترليني، فإن هذه الزيادة ستأتي على حساب الأشخاص المجتهدين الذين ادخروا بحكمة لمستقبلهم”.
ويضيف بإن الفكرة القديمة القائلة بأن ضريبة مكاسب رأس المال هي ضريبة على الأغنياء فقط ضارة: “ستتأثر الأسر العادية من الطبقة المتوسطة، ورجال الأعمال، وحتى المغتربين بشدة بأرتفاع ضريبة مكاسب رأس المال. والأشخاص الذين خططوا بشكل مسؤول لتقاعدهم، أو استثمروا في العقارات، أو أداروا أعمالًا ناجحة من المقرر أن يعاقبوا على اتخاذ قرارات مالية سليمة”.
وحاليًا، يواجه دافعو الضرائب البريطانية بمعدل أساسي معدل ضريبة مكاسب رأس المال بنسبة 10٪، بينما يدفع أصحاب الدخول المرتفعة 20٪. يمكن أن يؤدي الارتفاع المتوقع إلى تآكل المدخرات والاستثمارات لملايين الأشخاص في جميع أنحاء المملكة المتحدة. قد ترى العائلات التي خططت بعناية لمستقبلها ثروتها تتضاءل بسبب الضرائب الأعلى.
التأثير على النمو الاقتصادي والاستثمار
وبعيدًا عن العبء المالي المباشر على الأسر، تحذر مجموعة دي فير من العواقب الاقتصادية الطويلة الأجل. وإن زيادة العبء الضريبي على عائدات الاستثمار تخاطر الحكومة بخنق نوع السلوك الذي يحرك النمو الاقتصادي. ويحذر المسؤول من أن “التغييرات المقترحة سيكون لها تأثير مخيف على الاستثمارات. فعندما يواجه الناس فواتير ضريبية أعلى على عائداتهم، فإنهم سيفكرون مرتين قبل الاستثمار في العقارات أو المعاشات التقاعدية أو الشركات. وفي وقت يحتاج فيه الاقتصاد البريطاني بشدة إلى استثمارات جديدة للتعافي من الرياح الاقتصادية المعاكسة الأخيرة، فإن تثبيط الناس عن وضع أموالهم في مشاريع توليد النمو هو أمر قصير النظر وضار”.
ويشير جرين إلى أن هذه التغييرات ترسل أيضًا إشارات مقلقة للمستثمرين في الخارج، بما في ذلك المغتربين، الذين دعموا الاقتصاد البريطاني لفترة طويلة. وقد يدفع التهديد بفرض ضرائب أعلى على الأصول الموجودة في المملكة المتحدة العديد منهم إلى إعادة النظر في التزاماتهم المالية تجاه بريطانيا. ويضيف بالقول: “هذه سابقة خطيرة. وإن العملاء الدوليين يراقبون عن كثب، والرسالة التي يتلقونها هي أن بريطانيا لم تعد ترحب بالاستثمار الأجنبي. وقد تكون التأثيرات المتتالية هائلة، خاصة مع سعي المستثمرين العالميين إلى بيئات ضريبية أكثر ملاءمة في أماكن أخرى”.
التأثيرات الأوسع للميزانية
من المتوقع أن تتضمن الميزانية المقبلة سلسلة من الزيادات الضريبية، ولكن التغييرات المحتملة في ضريبة مكاسب رأس المال هي التي من المرجح أن يكون لها التأثير الأكبر على الأمن المالي للأسر. ويختتم جرين بالقول: “بينما تهدف الحكومة إلى سد فجوة قدرها 22 مليار جنيه إسترليني في المالية العامة، فإن التكلفة الحقيقية سوف يتحملها الناس العاديون الذين عملوا بجد لبناء مستقبلهم. وإن زيادة ضريبة مكاسب رأس المال هذه تهدد بتقويض أسس الحكمة المالية والاستثمار التي تشكل أهمية بالغة لرفاهة البلاد الاقتصادية”.