الجمعة , مايو 17 2024
إبدأ التداول الآن !

لماذا يجب على المستثمرين مراقبة بنك اليابان في عام 2024 ؟

يعد التغيير الذي طال أنتظاره في إطار السياسة النقدية لليابان أحد الأشياء التي سيوليها المستثمرون اهتمامًا وثيقًا في عام 2024. وعلى مدى عقود من الزمن، أتبعت اليابان سياسة نقدية شديدة التساهل في محاولة فاشلة في أغلبها لتحفيز اقتصادها الخامل. ولقد ظلت أسعار الفائدة في اليابان بأقل من الصفر منذ عام 2016 ولم تتجاوز واحد بالمائة في هذه الألفية. كما تم أختبار أشكال أخرى من التجارب النقدية. وتم تطبيق التحكم في منحنى العائد، حيث يتدخل البنك المركزي في سوق السندات في محاولة لاستهداف مستوى معين من أسعار الفائدة، وفي عام 2016 بعد سنوات من التيسير الكمي المكثف.

ويمتلك بنك اليابان الآن 70% من جميع السندات الحكومية اليابانية المستحقة لأجل 5 سنوات، وأكثر من 80% من السندات الحكومية اليابانية المستحقة لأجل 10 سنوات، وفقاً لصندوق النقد الدولي. ومع ذلك، فإن المستثمرين على يقين متزايد من أن التغيير سيأتي عاجلاً وليس آجلاً.

وقد أرتفع معدل التضخم، والذي لم يكن موجودا في اليابان طوال معظم الأعوام الثلاثين الماضية، إلى 3.3 في المائة. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي لمؤشر أسعار المستهلكين ببطء بينما ترتفع توقعات التضخم أيضًا بشكل معتدل. وفي اجتماعه الأخير لهذا العام 2023، أكد البنك المركزي اليابانى أن أسعار الفائدة ستبقى في المنطقة السلبية، لكن محافظ البنك قال بإن الاقتصاد “يتحرك بثبات نحو تحقيق تضخم مستقر بنسبة 2%”.

وعلى الرغم من عدم حدوث أي تغيير حتى الآن، إلا أن العديد من المتداولين يتوقعون أن يتشجع بنك اليابان لتغيير مساره بعد الجولة الأخيرة من مفاوضات الأجور السنوية لشونتو، والتي ستعقد في ربيع العام 2024.

ويأمل صناع السياسات أن يظهر هذا المزيد من التضخم المدفوع محليا.

ولكن بعد سنوات عديدة من السياسات المتساهلة، فإن التغييرات في النظام النقدي تهدد بحدوث اضطرابات مالية كبرى. ويتمثل الخطر المحلي في أن صناديق الاستثمار اليابانية تواجه موقفاً لا يختلف عن أزمة الاستثمار في القروض منخفضة الدخل في الخريف الماضي. وإذا تخلى بنك اليابان عن السيطرة على منحنى العائد، فمن المرجح أن ترتفع العائدات وستنخفض أسعار السندات. وتتحرك عوائد السندات وأسعارها بشكل عكسي. ويؤدي أنخفاض أسعار السندات إلى تعريض المستثمرين لخطر الإعسار، مما يجبرهم في بعض الحالات على التخلص من أصولهم في محاولة لدعم مراكزهم. ولكن هذا لا يؤدي إلا إلى انخفاض أسعار السندات، وبدء حلقة مفرغة.

وتعليقا على ذلك قال مارسيل ثيليانت، المحلل في شركة كابيتال إيكونوميكس، بإن هذا لا يشكل خطراً كبيراً على صناديق التقاعد اليابانية لأنها تحتفظ بحوالي خمسة في المائة فقط من السندات الحكومية المستحقة. وحذر من أن شركات التأمين تشكل “خط صدع أكبر”. وتحتفظ شركات التأمين بنحو 20% من الديون الحكومية المستحقة، مما يعرضها لخطر الإفلاس إذا انخفضت الأسعار بشكل حاد. وتحتفظ شركات التأمين أيضًا بأصول سائلة أقل، مما يعني أنها أكثر عرضة لخطر البيع بسعر بخس.

ورغم أن المخاطر المحلية حقيقية، فإن المستثمرين العالميين يشعرون بالقلق أيضاً بشأن التأثيرات غير المباشرة المحتملة.

وكانت قد حفزت العائدات المنخفضة المعروضة في اليابان المستثمرين على التحول إلى الأسواق الدولية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن محفظة الأصول الاستثمارية اليابانية في الخارج وصلت إلى 5 تريليون دولار في الربع الرابع من عام 2020 – وهو ضعف مستواها قبل الأزمة المالية العالمية.

وكان هذا راجعاً إلى قدرة المستثمرين على الاقتراض بتكاليف زهيدة في اليابان، حيث أسعار الفائدة سلبية، واستثمار رأس المال هذا في الأسواق العالمية.

وعموما إذا بدأت أسعار الفائدة في الارتفاع في اليابان، فمن المرجح أن يتراجع المستثمرون المحليون إلى حد ما عن وجودهم الدولي، مما قد يكون له تأثير كبير على الاستقرار المالي في وقت توجد فيه بالفعل تقلبات كبيرة في أسواق السندات. فالمستثمرون اليابانيون هم أكبر حاملي سندات الخزانة الأمريكية خارج الولايات المتحدة. وهم من كبار حاملي السندات الحكومية في معظم الاقتصادات المتقدمة، بما في ذلك حوالي 10% من الديون الأسترالية والهولندية.

ولديهم أيضًا حضور كبير في المملكة المتحدة، حيث يمتلكون حوالي خمسة بالمائة من الديون الحكومية وما بين واحد واثنين بالمائة من الأسهم البريطانية. وإذا غير المستثمرون اليابانيون سلوكهم بشكل ملموس، فإن الأسواق المتوترة بالفعل يمكن أن تتعرض لجرعة كبيرة من عدم اليقين أيضًا. وقد حذرت المنظمات الدولية من المخاطر التي قد يشكلها ذلك على الاقتصاد، خاصة إذا لم يتم الإشارة بوضوح إلى التغييرات للمشاركين في السوق. حيث حذر صندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان من أنه “من الضروري أن يعلن (بنك اليابان) بوضوح عن نواياه لتجنب التقلبات غير المبررة وتخفيف الآثار غير المباشرة في الأسواق المالية العالمية”.

ولذا انتبه جيدًا لبنك اليابان في عام 2024.

المحلل محمود عبد الله
يعمل في أسواق العملات الأجنبية منذ 16 عاما بتفرغ كامل. يقدم تحليلاته ومقالاته وتوصياته في أشهر المواقع العربية المتخصصة في أسواق المال العالمية ونالت خبرته الكثير من الاهتمام اليومي لدى المتداولين العرب. يعمل على توفير التحليلات الفنية والاخبار السوقية والتوصيات المجانية واكثر بمتابعة لا تقل عن 15 ساعة يوميا، ويهدف لتبسيط كيفية التداول في الفوركس ومفهوم التجارة لجمهوره بدون تعقيد وبأقل الامكانيات. بالإضافة، فهو مبتكر للعديد من الافكار والادوات التي تساعد المتداول بالتعامل مع شركات التداول الشهيرة وتوفر له دخول عالم المتاجرة بكل سهولة.