الأحد , مايو 19 2024
إبدأ التداول الآن !

توسع مجموعة البريكس قد يعيد تشكيل أسواق الطاقة العالمية

من المقرر أن يجتمع زعماء البريكس في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس في جنوب أفريقيا، مما يمثل لحظة محورية لهذا التحالف غير المتماسك والذي يضم الدول الكبرى غير الغربية بما في ذلك البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. ولا يهدف المؤتمر إلى تعزيز التعاون فحسب، بل إلى تشكيل تحالف دولي قوي مصمم لمواجهة النفوذ الغربي. وفي خضم هذه الدفعة الاستراتيجية، تسعى مجموعة البريكس إلى توسيع نطاق أنتشارها، بحيث يشمل عدداً كبيراً من البلدان من “الجنوب العالمي”، وفي قلبها أفريقيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.

ولقد أوضح رؤساء دول مثل الرئيس الروسي بوتين، والصينى شي جين بينج، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا نواياهم بوضوح: تحدي الهيمنة الجيوسياسية الراسخة للغرب. ومع ذلك، فإن التصدعات في هذه الجبهة الموحدة واضحة بالفعل. ويلقي غياب فلاديمير بوتين، بسبب المخاوف من أعتقاله بسبب جرائم حرب في أوكرانيا، بظلاله على المشروع. وفي نفس الوقت ، تشعر الهند، الدولة ذات الوزن الثقيل في مجموعة البريكس، بالقلق من أن يؤدي صعود الصين إلى تهميش مصالحها داخل التحالف.

ووسط هذه الحماسة، تحول أهتمام وسائل الإعلام نحو مبادرات “القضاء على الدولرة” الجارية والتي تقودها الصين وروسيا ودول أخرى خارج إطار مجموعة البريكس. وفي حين أن هذا قد حظي بأهتمام كبير بسبب التحولات المحتملة في ديناميكيات التجارة العالمية، تظل الحقيقة أن أكثر من 90٪ من التجارة العالمية لا تزال تتم بالدولار الأمريكي. وإن الجانب المالي، وخاصة عند النظر في الناتج المحلي الإجمالي الجماعي لمجموعة البريكس مقابل مجموعة السبع، يحمل أهمية كبيرة. وإن طموح الدول غير الغربية لتحدي الأعراف الراسخة ليس بالأمر الجديد، إذ يعود تاريخه إلى فترات ما بعد الاستعمار والنجاحات الاقتصادية اللاحقة للصين والهند.

وعلى الرغم من التغاضي عنها في كثير من الأحيان، فإن جهود التوسع التي تبذلها مجموعة البريكس تشمل قائمة متنوعة من البلدان، ومن بين الدول التي أبدت اهتمامها بالأرجنتين ومصر والمملكة العربية السعودية. وتدرس حوالي 40 دولة المشاركة، مدفوعة بالحوافز الاقتصادية والقوة الاقتصادية المتنامية للصين والهند. ورغم أن مخاوف الغرب واضحة، إلا أن تركيزها قد يكون في غير محله.

وتحت السطح، تتشكل كتلة هائلة موجهة نحو الطاقة، حيث تعمل على مواءمة مجموعة البريكس مع مصدري الطاقة الرئيسيين مثل المملكة العربية السعودية ومصر، وربما الجزائر والإمارات العربية المتحدة. على الرغم من عدم ربطه رسميًا بمجموعة البريكس وأوبك+، فإن تقارب المصالح في قائمة الدول المشاركة أو المدعوة يمكن أن يحدث ثورة في أسواق الطاقة والسلع الأساسية. ومن شأن التحالف المتكامل بين عمالقة الطاقة أن يعيد تشكيل أمن إمدادات الطاقة العالمية، وربما يعطي الأولوية لطرق البريكس. ويمتد هذا أيضًا إلى مشاريع سلسلة التوريد العالمية الطموحة، بما في ذلك مشروع One Belt One Road في الصين، وتوسعات الموانئ في الإمارات العربية المتحدة، ومبادرات رؤية السعودية 2030.

وفي نفس الوقت ، فإن توسع مجموعة البريكس في أفريقيا، وخاصة في مجالات التعدين والمعادن، يستحق الاهتمام في الأشهر المقبلة. وإن ضم أعضاء جدد يتمتعون بموارد معدنية ومعدنية مهمة يمكن أن يؤدي إلى تغيير جذري في هذا التحالف، ربما بقيادة الصين وروسيا. كما دخلت دول عربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مجال التعدين العالمي، بما يتماشى مع استراتيجيات الطاقة المتجددة وإزالة الكربون. وإن توسع مجموعة البريكس يحمل آثاراً ليس فقط على هيمنة الدولار الأميركي، بل أيضاً على النفوذ الغربي والقدرة على الوصول إلى موارد الطاقة وسلاسل التوريد.

وتعترف إدارة بايدن بهذا المشهد المتطور وتقوم بتكثيف الجهود لإدارة التداعيات المتصورة. وتشكل احتياطيات الولايات المتحدة من النفط والغاز، إلى جانب النفوذ الجيوسياسي، بمثابة وسادة وقائية، ولكن أوروبا تبدو راضية عن نفسها. وعلى الرغم من الحديث عن الابتعاد عن نفوذ الصين، فإن اعتماد أوروبا على التصنيع والأسواق الآسيوية يتزايد. وتعتمد الاستراتيجيات الأوروبية على المعادن الأفريقية، والفلزات، والهيدروكربونات، ومصادر الطاقة المتجددة، وكلها تقع على نحو متزايد تحت رحمة التحالفات المتغيرة.

ومع تحول الرياض وأبو ظبي والقاهرة والجزائر وغيرها نحو الشرق، بما في ذلك روسيا، يبرز تحدي كبير. ولن يقتصر الأمر على الهيدروكربونات فحسب، بل سيكون الوصول إلى سلاسل التوريد وطرق التجارة البحرية، على رأس جدول الأعمال. وإن دمج شمال أفريقيا والشرق الأوسط في مجموعة البريكس + بقيادة بكين وموسكو يزيد من الضغوط. ولم تعد الصين وروسيا موقف المتفرج؛ فإنهم يقوضون بنشاط المصالح الغربية. وإن الاندماج المحتمل لأوبك والدول المصدرة للغاز في مجموعة البريكس يهدد مصالح الطاقة الغربية. وإن التقارب بين المملكة العربية السعودية ومصر والجزائر والبرازيل وروسيا يعمل على تمكين البريكس من السيطرة على أكثر من 60٪ من احتياطيات الطاقة العالمية وإنتاجها.

وفي خضم خطاب وقف الدولرة، تأتي المخاوف العملية والأمنية في المقدمة، مما يتطلب الاهتمام بما يتجاوز الضجيج.

المحلل محمود عبد الله
يعمل في أسواق العملات الأجنبية منذ 16 عاما بتفرغ كامل. يقدم تحليلاته ومقالاته وتوصياته في أشهر المواقع العربية المتخصصة في أسواق المال العالمية ونالت خبرته الكثير من الاهتمام اليومي لدى المتداولين العرب. يعمل على توفير التحليلات الفنية والاخبار السوقية والتوصيات المجانية واكثر بمتابعة لا تقل عن 15 ساعة يوميا، ويهدف لتبسيط كيفية التداول في الفوركس ومفهوم التجارة لجمهوره بدون تعقيد وبأقل الامكانيات. بالإضافة، فهو مبتكر للعديد من الافكار والادوات التي تساعد المتداول بالتعامل مع شركات التداول الشهيرة وتوفر له دخول عالم المتاجرة بكل سهولة.