تعرف على عوامل تهدد استقرار أسعار الغاز الأوروبية

عادةً ما يكون شهر نوفمبر في أوروبا هو بداية موسم التدفئة. وحتى مع فصل الصيف الطويل والبداية الهادئة للخريف، بحلول أواخر نوفمبر، تنخفض درجات الحرارة في فصل الشتاء، وترتفع درجات الحرارة. وتبدأ أسعار الغاز في الارتفاع. وفي العام الماضي، حالف الحظ أوروبا بشتاء أكثر اعتدالا من المعتاد. وهذا العام، تبدو الأمور مختلفة. ففي الوقت الحالي، أصبحت كهوف تخزين الغاز في أوروبا ممتلئة عن آخرها بفضل التدفق المستمر للغاز الطبيعي المسال الأمريكي. ولكن الآن بعد أن بدأ موسم ذروة الاستهلاك، فإن الطلب سوف يرتفع، تماماً كما هو الحال مع الطلب في آسيا. وعلى الرغم من وفرة إمدادات الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، إلا أن الأسعار قد ترتفع، وربما بشكل كبير.

وكان العرض الوفير المذكور أعلاه هو السبب وراء انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، فإن تعرض الاسواق – وخاصة السوق الأوروبية – لأي حدث يمكن أن يؤثر على الأسعار أصبح واضحًا تمامًا في وقت سابق من هذا الأسبوع عندما قفزت الأسعار القياسية الأوروبية بعد انتشار أنباء استيلاء الحوثيين على سفينة شحن في البحر الأحمر. وكانت السفينة مرتبطة بشركة إسرائيلية، ولهذا السبب، أعتبرت على نطاق واسع علامة على تصعيد محتمل لحرب الشرق الأوسط. وكان رد فعل إسرائيل هو إلقاء اللوم على إيران في عملية الاستيلاء، في حين نفت إيران أي تورط لها. واستخدم الجانبان لغة قوية في تصريحاتهما.

وفي أعقاب هذه الأخبار، ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا بنحو 3%، في حين انخفضت أسعار الغاز في الولايات المتحدة قليلاً، الأمر الذي يسلط الضوء مرة أخرى على الفارق الجوهري بين كونها منتجاً مكتفياً ذاتياً لسلعة ما وبين الاعتماد على الواردات. ومع ذلك، حتى مع تزايد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، يعتقد البعض في صناعة تجارة الغاز أن أسعار الغاز الطبيعي المسال من غير المرجح أن ترتفع كثيرًا، فوفقًا لشركة S&P Global. أفادت خدمة Commodity Insights التابعة للشركة هذا الأسبوع أن بعض المتداولين يشيرون إلى العرض كسبب للتأثير المحدود لأخبار الشحن على أسعار الغاز الطبيعي المسال.

ومع ذلك، يشير آخرون إلى أن أخبار الشحن أصبحت مهمة للغاية لجميع أنواع السلع الآن بعد أن تم تقييد الحركة عبر قناة بنما، ويُنظر إلى الحركة عبر قناة السويس على أنها أصبحت أكثر خطورة بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقد أدى الوضع في قناة بنما – نتيجة للجفاف الذي طال أمده والذي أدى إلى انخفاض مستويات المياه في القناة – إلى ارتفاع أسعار الشحن لجميع السفن. ولا تمر جميع شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية عبر قناة بنما، ولكن الشحنات المتجهة إلى آسيا تمر عبرها. ومع ذلك، مع فرض القيود الجديدة، أختار البعض، مثل المشترين من كوريا الجنوبية، أستبدال طريق قناة بنما بمسار يمر عبر قناة السويس. ومع احتجاز السفينة في البحر الأحمر، قد يشعر بعض المشترين بالتوتر بشأن هذا الطريق أيضًا. وفي الوقت نفسه، يبحث المشترون الآسيويون الآخرون للغاز الطبيعي المسال الأمريكي أيضًا عن طرق بديلة، حيث لا يبدو أن الحركة المحدودة في نقطة الاختناق الرئيسية بين أمريكا الشمالية والجنوبية سيتم حلها بسرعة. وهذا من شأنه أن يزيد من أسعار الشحن أيضًا، حتى لو كان إمدادات الغاز الطبيعي المسال في حد ذاته وفيرة.

وعند الحديث عن العرض، قد يكون وفيرًا، ولكن كما أظهر انقطاع التيار الكهربائي في فريبورت العام الماضي، فإن هذه الوفرة على بعد خطوة واحدة من الانقطاع وارتفاع الأسعار. ففي يونيو/حزيران الماضي، تعرضت شركة فريبورت للغاز الطبيعي المسال لانفجار أدى إلى إغلاق المنشأة لبقية العام. وأعيد افتتاحه فقط في فبراير من هذا العام. وكانت فريبورت تمثل عُشر واردات الغاز الطبيعي المسال الأوروبية قبل الانفجار ولعبت دورا كبيرا في ارتفاع أسعار الغاز في الصيف.

ومع قدوم درجات الحرارة في فصل الشتاء، فمن الممكن أن ترتفع أسعار الغاز، على الأقل في أوروبا، وذلك ببساطة بسبب الارتفاع الكبير في الطلب وعلى الرغم من التخزين الكامل: فقد بدأت عمليات السحب من هذا المخزون بالفعل كما هو معتاد في هذا الوقت من العام. وقد تكون الأسعار العالمية أكثر مرونة، لكن المخاطر الصعودية لا تزال قائمة بسبب تحديات الشحن وزيادة مخاطر التعطل في الشرق الأوسط.