التضخم البريطانى قد يعاود الارتفاع بسبب هجمات البحر الاحمر

أعلنت الشركات البريطانية عن قفزة في الأسعار التي تدفعها بسبب الهجمات على الشحن في البحر الأحمر التي أزعجت سلاسل التوريد، وهو التحول الذي قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتأخير تخفيضات أسعار الفائدة البريطانية. وكان قد أظهر مؤشر مديري المشتريات المركب التابع لشركة S&P Global أكبر قفزة في التكاليف خلال خمسة أشهر في يناير مع إطالة أوقات التسليم للمرة الأولى منذ 12 شهرًا. وأضاف مسح منفصل أجراه اتحاد الصناعة البريطاني بإن متوسط تكاليف المصنعين تسارع في الربع المنتهي في يناير، مع توقع المزيد من الارتفاعات في الأسعار في الأشهر المقبلة.

وكانت هذه التقارير أول علامات ملموسة على أن الصراع في البحر الأحمر يتسرب إلى اقتصاد المملكة المتحدة ويدفع المستثمرين إلى تقليص رهاناتهم على مدى سرعة قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة. وقفز سعر الجنيه الاسترليني، وقامت أسواق تداول الاسهم بتسعير التخفيضات في تكاليف الاقتراض بوتيرة أبطأ. وكانت المخاوف بشأن مشاكل سلاسل التوريد بمثابة نقطة مظلمة في أستطلاع S&P المتفائل والذي أشار أيضًا إلى أحتمال تجنب المملكة المتحدة الركود. ويلقي النشاط القوي والضغط الصعودي على الأسعار بظلال من الشك على مدى سرعة تحول بنك إنجلترا عن معركته ضد التضخم والتحرك نحو حماية الاقتصاد بأسعار فائدة أقل.

ومن جانبه قال أشلي ويب، الاقتصادي البريطاني في كابيتال إيكونوميكس، بإن الأدلة المتبقية على ضغوط أسعار الخدمات اللزجة قد “تستمر في إثارة قلق بنك إنجلترا”. و”إن لزوجة ضغوط الأسعار تمنحنا ثقة أقل قليلاً في أن تضخم مؤشر أسعار المستهلكين للخدمات سيعود إلى متوسطه على المدى الطويل البالغ 3.5٪ قرب نهاية هذا العام”.و “ستضيف هذه البيانات إلى قلق بنك إنجلترا بشأن أستمرار التضخم. ونتيجة لذلك، من المحتمل أن يستمر البنك في التصدي لاحتمال تخفيض أسعار الفائدة على المدى القريب الأسبوع المقبل.

وارتفع سعر الجنيه الاسترلينى بما يصل إلى 0.7% إلى 1.2771 وقلصت عوائد سندات الخزانة خسائرها بعد صدور البيانات. وإن العائد على السندات لأجل 10 سنوات، والذي انخفض في وقت سابق بمقدار 5 نقاط أساس، هو بعيد عن الارتفاع بنسبة 4٪ للمرة الأولى منذ ديسمبر، مما يزيد من عمليات البيع الحادة التي شهدها هذا الشهر. وشهدت أسواق تداول الاسهم أيضًا فرصة أقل لخفض أسعار الفائدة في مايو بعد الاستطلاعات، حيث أعتبر اجتماع يونيو هو اللحظة الأكثر ترجيحًا للتخفيض الأول.

وتأتي هذه التقارير في أعقاب سلسلة من الهجمات على السفن في البحر الأحمر من قبل المسلحين الحوثيين في اليمن. وقد دفع ذلك الشركات إلى تغيير مسار عمليات التسليم حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا بدلاً من المرور عبر قناة السويس، مما أدى إلى إضافة أيام وتكاليف أعلى لكل عملية تسليم. وتعد هذه المسوحات من بين أولى العلامات الملموسة على أن الصراع في البحر الأحمر يغذي اقتصاد المملكة المتحدة. ومن جانبه قال كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في شركة S&P Global Market Intelligence: “لقد ارتفعت تأخيرات العرض بشكل كبير مع إعادة توجيه الشحن”. وأضاف بأن أوقات الرحلات الأطول ترفع تكاليف المصنع “في وقت لا تزال فيه ضغوط الأسعار مرتفعة في قطاع الخدمات”.

ولكن قد تكون الفوضى المتجددة في سلسلة التوريد بمثابة انتكاسة لبنك إنجلترا، لأنها قد تعيق الجهود التي يبذلها صناع السياسة لخفض التضخم إلى هدفه البالغ 2٪. وبينما يتوقع الاقتصاديون أن يصل التضخم إلى هدفه في الربيع، فإن الهجمات على الشحن قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وإعادة إشعال القوى التضخمية. وقد أدى هذا الاضطراب إلى قيام القوات الأمريكية والبريطانية بمهاجمة منشآت الحوثيين هذا الأسبوع في محاولة لاستعادة الهدوء إلى شريان الشحن.

وأضاف تقرير ستاندرد آند بورز بإن معدل التضخم في قطاع التصنيع تسارع إلى أعلى مستوى منذ مارس 2023 بعد ارتفاع أسعار الشحن البحري. وشهدت المصانع انتهاء فترة 11 شهرًا من تحسين أوقات تسليم البائعين. وتتمثل وجهة نظر ستاندرد آند بورز في أن التضخم قد “يظل أعلى بشكل مطرد في نطاق 3% إلى 4%” في المستقبل القريب.

وبينما كانت هناك مخاوف متجددة بشأن التضخم، ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب لـ S&P إلى 52.5 في يناير من قراءة 52.1 في الشهر السابق، وهو أعلى مستوى في سبعة أشهر. وكان الاقتصاديون يتوقعون عدم حدوث أي تغيير في المؤشر الذي يحظى بمتابعة وثيقة، حيث تشير أي قراءات فوق مستوى ال 50 إلى النمو. وقد أستمرت مرونة قطاع الخدمات وارتفع إجمالي التوظيف في القطاع الخاص، منهيا فترة أربعة أشهر من فقدان الوظائف.