بنك الاحتياطي الفيدرالي: أسعار الفائدة الامريكية ستظل مرتفعة

أتفق صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكى الشهر الماضي على أنه سيكون من المناسب الحفاظ على موقف تقييدي “لبعض الوقت”، مع الاعتراف بأنهم ربما كانوا عند معدل الذروة وسيبدأون في التخفيض في عام 2024. ووفقًا لمحضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ال FOMC يومي 12 و13 ديسمبر”رأى المشاركون أن سعر الفائدة الامريكية من المحتمل أن يكون عند أو بالقرب من ذروته في دورة التشديد هذه” ومع ذلك، أكد المسؤولون من جديد أنه سيكون من المناسب أن تظل السياسة في موقف تقييدي لبعض الوقت حتى يتحرك التضخم بشكل واضح نحو الانخفاض بشكل مستدام.

وأشار المحضر إلى زيادة التفاؤل بين المشاركين بشأن مسار التضخم، مشيراً إلى “تقدم واضح”. وأعربت اللجنة عن أستعدادها لخفض سعر الإقراض القياسي في عام 2024 إذا استمر هذا الاتجاه، على الرغم من أنها لم تعط أي إشارة إلى أن التيسير يمكن أن يبدأ في أقرب وقت في مارس، كما يتوقع متداولو العقود الآجلة. وجاء في المحضر أيضا: “في توقعاتهم المقدمة، أشار جميع المشاركين تقريبًا إلى أنه، بما يعكس التحسن في توقعاتهم للتضخم، فإن توقعاتهم الأساسية تشير ضمنًا إلى أن نطاقًا مستهدفًا أقل لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية سيكون مناسبًا بحلول نهاية عام 2024”.

وفي الاجتماع، صوت محافظو البنوك المركزية بالإجماع على إبقاء سعر الإقراض القياسي ثابتًا في نطاق يتراوح بين 5.25٪ إلى 5.5٪ للمرة الثالثة على التوالي. وبينما ترك بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ال FOMC الباب مفتوحًا لرفع أسعار الفائدة الامريكية مرة أخرى، أشارت توقعات المسؤولين إلى نهاية دورة التشديد الأكثر عدوانية منذ جيل واحد.

وتشير التوقعات الفصلية إلى ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2024 – أو حوالي 75 نقطة أساس من التخفيضات. وأشعلت التوقعات المحدثة، مقترنة بتعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عقب الاجتماع، أرتفاعًا في أسعار الأسهم والسندات، مما أدى إلى تيسير أوسع نطاقًا في الظروف المالية. ومع ذلك، فإن التوقعات الفردية للمسؤولين بشأن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في نهاية عام 2024 تراوحت على نطاق واسع. وأظهرت “مخطط النقاط” الخاص ببنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكى أن ثمانية مسؤولين توقعوا تخفيضين بمقدار ربع نقطة مئوية أو أقل، في حين توقع 11 مسؤولاً ثلاثة تخفيضات أو أكثر.

كما سلط تعديل في بيان بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكى بعد الاجتماع الضوء على التحول في اللهجة، حيث أشار المسؤولون إلى أنهم سيراقبون مجموعة من البيانات والتطورات لمعرفة ما إذا كان “أي” تأكيد إضافي للسياسة مناسبًا. وعموما تتوقع أسواق العقود الآجلة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الامريكية بواقع ست مرات هذا العام، بدءاً بتخفيض محتمل بمقدار ربع نقطة في مارس. ومع ذلك، فقد عارض العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي التوقعات بتحرك وشيك في السياسة في الأسابيع الأخيرة.

ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ال FOMC في الفترة من 30 إلى 31 يناير لمناقشة السياسة. ومن جانبه قال حاكم البنك باول في المؤتمر الصحفي بإنه من السابق لأوانه إعلان النصر، على الرغم من اعترافه بمناقشة مسألة متى يجب البدء في “التراجع” عن ضبط النفس السياسي. وكان قد أبطأ المسؤولون وتيرة زيادات أسعار الفائدة الامريكية في العام الماضي بعد سلسلة من الزيادات السريعة في عام 2022. وتباطأ التضخم بشكل كبير، إلى 3.2٪ على أساس سنوي، مقاسا بالمعيار المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي مطروحا منه الغذاء والطاقة.

وأشار المشاركون فى الاجتماع إلى قراءات التضخم لستة أشهر، فضلا عن تزايد علامات الطلب والعرض على تحقيق توازن أفضل. وبدا خبراء الاقتصاد أكثر تفاؤلا بشأن مسار التضخم، حيث خفضوا توقعاتهم ورأوا أن التضخم سيكون “أقل ثباتا”. وناقش مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكى دور العرض في خفض التضخم بشكل أكبر. وقال العديد من المسؤولين بإن المساعدة من شفاء سلاسل التوريد وزيادة المعروض من العمالة كانت “كاملة إلى حد كبير” بينما رأى عدد قليل آخر إمكانية لمزيد من التحسن.

وكان قد أرتفع مقياس التضخم الامريكى الأساسي والمفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 1.9٪ فقط في نوفمبر على أساس سنوي لمدة ستة أشهر، وهي المرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات التي انخفض فيها المقياس عن هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2٪. وفي الوقت نفسه، ظل سوق العمل الامريكى في صحة جيدة نسبيا على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة. حيث أرتفعت الرواتب بمعدل 204.000 خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي تم الإبلاغ عنها وانخفضت فرص العمل، بما يتوافق مع الاعتدال التدريجي في التوظيف. وسيتم نشر أرقام التوظيف الامريكى لشهر ديسمبر غدا الجمعة.

وإن المكاسب القوية المستمرة في الأجور أو النمو الاقتصادي المزدهر بشكل غير متوقع يمكن أن يؤدي إلى إبطاء أو حتى تهديد تقدم التضخم نحو هدف البنك المركزي الامريكى. وتظهر أحدث توقعات المسؤولين أن الاقتصاد ينمو بمعدل أبطأ بكثير يبلغ 1.4% في عام 2024 مع تكلفة قليلة على الوظائف. وجاء في المحضر أن “المشاركين بشكل عام ينظرون إلى درجة عالية من عدم اليقين المحيطة بالتوقعات الاقتصادية”.